ماسك.. مصرٌّ على الفضاء

إيلون ماسك: بين المركبات الفضائية والسياسة الأمريكية
مقابلة مثيرة للجدل مع إيلون ماسك
أثارت مقابلة حديثة لإيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس، جدلاً واسعاً بعد إصراره على تجنب الأسئلة السياسية الحادة التي طرحها عليه الصحفي ديفيد بوج خلال ظهوره في برنامج "صنداي مورنينغ" على شبكة "سي بي إس". ركز ماسك بشكل أساسي على مشاريعه في مجال الفضاء، رافضاً الخوض في تفاصيل السياسة الأمريكية، مما أثار دهشة بوج الذي أكد له أن جميع المواضيع مطروحة للنقاش. لكن ماسك أصرّ على تركيز الحوار على ما وصفه بـ"الموضوع الأهم": المركبات الفضائية، مُبدياً عدم رغبته في الخوض في التفاصيل السياسية.
بين المركبات الفضائية والسياسات الحكومية
بدأ بوج المقابلة بسؤال ماسك عن رأيه في سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب، خاصةً فيما يتعلق بالقيود المفروضة على الطلاب الدوليين. لكن ماسك تجنب الإجابة المباشرة، مفضلاً التحوّل سريعاً إلى حديث عن طموحاته في مجال استكشاف الفضاء. رغم محاولته الابتعاد عن السياسة، لم يتمكن ماسك من كبح انتقاداته لوزارة "كفاءة الحكومة" الأمريكية، معتبراً إياها "كبش فداء لكل شيء"، مُشيراً إلى أنها تتحمل جزءاً كبيراً من اللوم في حال حدوث أي تخفيضات ميزانية، سواء كانت حقيقية أو متوقعة. وأكد ماسك على عدم رغبته في مهاجمة إدارة ترامب بشكل مباشر، مُبرراً ذلك بأنه لا يرغب في تحمل مسؤولية كل قراراتها.
نجاح جزئي لصاروخ ستارشيب وتعدد مشاريع ماسك
جاءت هذه المقابلة قبل أيام قليلة من اختبار صاروخ "ستارشيب" الضخم التابع لشركة سبيس إكس. وقد حقق الإطلاق نجاحاً جزئياً، حيث انطلق الصاروخ بنجاح، لكنه فشل في التحكم الكامل به أثناء عودته إلى الغلاف الجوي، مما أثار تساؤلات حول مستقبل هذا المشروع الطموح الذي يهدف إلى نقل البشر إلى المريخ. وقد أوضح ماسك في المقابلة الروابط بين شركاته المتعددة، منها "تسلا" للسيارات الكهربائية، و"نيورالينك" لتقنيات الدماغ، و"xAI" للذكاء الاصطناعي، و"إكس" (تويتر سابقاً)، و"بورينغ كومباني" لحفر الأنفاق. وأشار إلى أن الهدف المشترك بين هذه الشركات هو "تحسين المسار المحتمل للحضارة"، مُعرباً عن رؤيته الطموحة لمستقبل البشرية.
دور ماسك في الحكومة الأمريكية
تطرّق الحوار إلى دور ماسك كمستشار خاص في الحكومة الأمريكية. وقد أوضح ماسك أنه سيقلّص مشاركته إلى يوم أو يومين في الأسبوع فقط، مؤكداً أن تركيزه سيكون منصباً على إدارة شركاته. كما مزح ماسك بشأن عملة DOGE الرقمية، مؤكداً استمرار دعمه لها. لكن تصريحاته خلال المقابلة، خاصةً تلك المتعلقة بمشروع قانون الميزانية المدعوم من ترامب، أثارت ضجة إعلامية واسعة، دفعته إلى الإعلان عن إنهاء عمله في الحكومة. ولكن الرئيس السابق ترامب نفى ذلك، مؤكداً بأن ماسك لن يغادر فعلياً.
التقنيات المستخدمة في ستارشيب: نظرة فنية
يُعتبر صاروخ ستارشيب من أكثر المشاريع الطموحة في مجال الفضاء. فهو صاروخ عملاق يعتمد على تقنيات متقدمة لتحقيق أهدافه. من أهم هذه التقنيات:
محركات "رافتر": تستخدم هذه المحركات تقنية الاحتراق المتجدد (Raptor Engines) التي تُعدّ من أكثر المحركات كفاءة في العالم. تعتمد هذه التقنية على إعادة استخدام الوقود المُستهلك لزيادة الكفاءة والقوة.
هيكل من الفولاذ اللاصدأ: على عكس العديد من الصواريخ التي تعتمد على مواد خفيفة كالالمنيوم والكربون الفايبر، يستخدم ستارشيب الفولاذ اللاصدأ. يُعزى هذا الاختيار إلى متانته وقدرته على تحمل الحرارة العالية خلال دخوله إلى الغلاف الجوي.
نظام الهبوط: يعتمد ستارشيب على نظام هبوط متطور يسمح له بالهبوط بشكل رأسي على السطح. هذا النظام يُعدّ مُعقداً ويعتمد على عدة مستشعرات وخوارزميات للتحكم في اتجاه الصاروخ و سرعته.
إعادة الاستخدام: يُعدّ إعادة استخدام صاروخ ستارشيب من أهم أهداف ماسك. سيساهم هذا في تقليل تكلفة رحلات الفضاء بشكل كبير، ويمهد الطريق لاستكشاف الفضاء بشكل أوسع.
الخاتمة: مستقبل طموح أم مغامرة مُجازفة؟
يبقى مستقبل مشاريع إيلون ماسك موضوع نقاش واسع. فبينما يُعجب البعض بطموحه وتقنياته المتقدمة، يُعرب آخرون عن قلقهم من المخاطر المُحتملة والتحديات التكنولوجية والاقتصادية الكبيرة التي تواجه هذه المشاريع. لكن ما لا شك فيه هو أن ماسك قد غيّر مفهوم استكشاف الفضاء، مُضيفاً بُعداً جديداً إلى هذا المجال المُثير.