IBM تحصل على بدء تشغيل البيانات Seeking AI ، يفتح مسرع AI في مدينة نيويورك

عملاق التكنولوجيا IBM يستحوذ على Seek AI ويفتتح معملًا مُسرّعًا للذكاء الاصطناعي في نيويورك
مقدمة:
أعلنت شركة آي بي إم (IBM)، العملاق العالمي في مجال التكنولوجيا، يوم الإثنين الماضي عن استحواذها على شركة Seek AI، وهي شركة ناشئة متخصصة في تحليل البيانات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك مقابل مبلغ لم يُكشف عنه. يأتي هذا الاستحواذ بالتزامن مع إعلان آي بي إم عن افتتاح "مختبرات واتسون إكس للذكاء الاصطناعي" (Watsonx AI Labs)، وهو مُسرّع أعمال جديد للذكاء الاصطناعي في مدينة نيويورك، مما يُشير إلى استراتيجية طموحة للشركة لتوسيع نطاق استثماراتها في هذا المجال الحيوي. سنستعرض في هذا المقال تفاصيل هذا الاستحواذ، وأهمية شركة Seek AI، ودور مُسرّع واتسون إكس في دعم الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تحليل أثر هذه الخطوات على سوق الذكاء الاصطناعي العالمي والعربي.
Seek AI: ثورة في تحليل البيانات بلغة طبيعية
تُعتبر شركة Seek AI، التي أسستها سارة ناجي في عام 2021، شركة رائدة في مجال تحليل البيانات الضخمة. ما يميز Seek AI هو اعتمادها على تقنية فريدة تُمكّن المستخدمين من طرح أسئلة على البيانات باستخدام اللغة الطبيعية، بدلاً من اللجوء إلى لغات البرمجة المعقدة. تُترجم تقنية Seek AI هذه الأسئلة إلى استعلامات قاعدة بيانات، ثم تقوم بتحليل البيانات واستخراج المعلومات المهمة وتلخيصها بطريقة سهلة الفهم. يمكن تشبيه واجهة المستخدم بتجربة المحادثة مع روبوت دردشة ذكي، مما يُسهّل عملية الوصول إلى المعلومات القيّمة المُخزّنة في قواعد البيانات الضخمة.
هذا النهج يُغيّر قواعد اللعبة في مجال تحليل البيانات، خاصةً للشركات التي لا تمتلك خبراء متخصصين في البرمجة أو استخراج البيانات. فبدلاً من الاعتماد على فرق تقنية متخصصة، يمكن للموظفين من مختلف الأقسام طرح أسئلتهم مباشرةً على البيانات والحصول على إجابات دقيقة وسريعة. تخيل، على سبيل المثال، أن مدير التسويق في شركة كبيرة يرغب في معرفة مدى فعالية حملة إعلانية معينة. باستخدام Seek AI، يمكنه ببساطة طرح سؤال بلغة طبيعية مثل "ما هو معدل تحويل العملاء في حملة الإعلان X؟"، ليحصل على إجابة مُفصلة مع رسوم بيانية توضيحية في ثوانٍ معدودة.
قبل استحواذ آي بي إم، نجحت Seek AI في جذب استثمارات بقيمة 10 ملايين دولار من جهات استثمارية بارزة، مثل Battery Ventures و Conviction Partners و NJP Ventures، مما يُؤكد على الثقة الكبيرة في تقنيتها وإمكاناتها السوقية الواعدة.
Watsonx AI Labs: حاضنة للابتكار في قلب نيويورك
يُعتبر افتتاح "مختبرات واتسون إكس للذكاء الاصطناعي" في مدينة نيويورك خطوة استراتيجية أخرى من آي بي إم لتعزيز مكانتها الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. يُمثل هذا المختبر مركزًا تعاونيًا يجمع بين باحثي ومهندسي آي بي إم، بالإضافة إلى رواد الأعمال والشركات الناشئة. يهدف Watsonx AI Labs إلى توفير بيئة مثالية لابتكار حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة للشركات من مختلف القطاعات.
يُوفر المختبر للشركات الناشئة المشاركة فيه إمكانية الوصول إلى موارد آي بي إم الضخمة، بما في ذلك الخبرات التقنية، والبنية التحتية المتطورة، بالإضافة إلى فرص الاستثمار من خلال IBM Ventures، الذراع الاستثماري للشركة، وصندوقها المخصص للذكاء الاصطناعي بقيمة 500 مليون دولار. هذا الدعم الشامل يُمكّن الشركات الناشئة من تطوير منتجاتها وتسويقها بكفاءة عالية، والوصول إلى سوق عالمي واسع.
اختيار نيويورك كموقع لمختبر واتسون إكس ليس اعتباطيًا، بل يعكس إدراك آي بي إم لأهمية المدينة كمركز عالمي للابتكار في مجال التكنولوجيا. تتميز نيويورك بوجود كفاءات بشرية عالية، وجامعات بحثية مرموقة، وشركات تقنية رائدة، مما يُوفر بيئة غنية بالفرص والتعاون. كما أن هذا الاستثمار يُساهم في تعزيز التنوع في مجال التكنولوجيا، وهو هدف تُولي آي بي إم أهمية كبيرة.
أثر الاستحواذ وافتتاح المعمل المُسرّع على السوق العربي
تُعدّ هذه الخطوات من آي بي إم ذات أهمية بالغة ليس فقط على الصعيد العالمي، بل أيضًا على الصعيد العربي. فاستحواذ آي بي إم على Seek AI يُشير إلى ازدياد الطلب على حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة في المنطقة العربية، خاصةً في قطاعات مثل المالية، والرعاية الصحية، والتجارة الإلكترونية. تُمكن تقنية Seek AI الشركات العربية من تحليل بياناتها بكفاءة عالية، واتخاذ قرارات مدروسة بناءً على معلومات دقيقة، مما يُساهم في تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية.
كما يُمكن أن يُساهم Watsonx AI Labs في دعم الشركات الناشئة العربية في مجال الذكاء الاصطناعي. فمن خلال التعاون مع المختبر، يمكن للشركات العربية الوصول إلى موارد آي بي إم، وتطوير تقنياتها، وتسويق منتجاتها على مستوى عالمي. هذا الأمر يُساعد في بناء منظومة ابتكار قوية في المنطقة العربية، وتشجيع الشباب العربي على الانخراط في هذا المجال الواعد.
لكن لا يخلو الأمر من التحديات. فلا يزال هناك حاجة إلى تطوير البنية التحتية الرقمية في بعض الدول العربية، بالإضافة إلى توفير بيئة تنظيمية داعمة للابتكار. كما أن هناك حاجة إلى زيادة الوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته العملية في مختلف القطاعات.
الاستنتاج: مستقبل واعد للذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية
يُمثل استحواذ آي بي إم على Seek AI وافتتاح Watsonx AI Labs خطوتين مهمتين في مسيرة تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي. يُمكن لهذه الخطوات أن تُساهم في تعزيز الابتكار في هذا المجال على الصعيد العالمي، وتوفير فرص جديدة للشركات الناشئة، وتحسين كفاءة الشركات في مختلف القطاعات. أما بالنسبة للمنطقة العربية، فيُمكن لهذه الخطوات أن تُساهم في بناء منظومة ابتكار قوية، وتوفير فرص عمل جديدة للشباب العربي، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية. لكن يتطلب ذلك بذل جهود مشتركة من قبل الحكومات والشركات والمؤسسات البحثية لتوفير البيئة المناسبة لازدهار هذا القطاع الحيوي. فمستقبل الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية واعد، لكنه يتطلب العمل الجاد والتعاون المثمر لتحقيق أقصى إمكاناته.