يغلق Neuralink من Elon Musk سلسلة 650 مليون دولار هـ

نيرالينك تحصل على تمويل ضخم: قفزة هائلة في تقنية واجهة الدماغ والحاسوب

مقدمة:

أعلنت شركة نيرالينك، الناشئة المتخصصة في تطوير واجهة الدماغ والحاسوب والتي أسسها إيلون ماسك، عن جولة تمويلية ضخمة من السلسلة الخامسة (Series E) بلغت 650 مليون دولار أمريكي. يُعد هذا التمويل مؤشراً واضحاً على الثقة المتزايدة في تقنية نيرالينك وإمكاناتها الثورية في علاج الأمراض العصبية وتحسين قدرات الإنسان. سنستعرض في هذا المقال تفاصيل هذه الجولة التمويلية، ونلقي الضوء على أهمية هذا الاستثمار في سياق التطورات الأخيرة في مجال واجهة الدماغ والحاسوب، مع التركيز على التأثيرات المحتملة على المنطقة العربية والعالم.

تفاصيل جولة التمويل:

جاءت جولة التمويل من السلسلة الخامسة بقيمة 650 مليون دولار أمريكي، مما يرفع قيمة نيرالينك السوقية إلى حوالي 9 مليارات دولار قبل التمويل (Pre-money valuation). شاركت في هذه الجولة شركات استثمارية رائدة، منها ARK Invest و Founders Fund و Sequoia Capital و Thrive Capital، وهي أسماء بارزة تُعرف باستثماراتها في الشركات الناشئة الواعدة في مجال التكنولوجيا. يُعتبر هذا التمويل أكبر جولة تمويل تحصل عليها نيرالينك حتى الآن، متجاوزاً جولة التمويل من السلسلة الرابعة التي بلغت 280 مليون دولار في عام 2023، بالإضافة إلى 43 مليون دولار إضافية تم ضخها لاحقاً.

التقدم الملحوظ في تقنية نيرالينك:

لم تكن هذه الجولة التمويلية مجرد حدث مالي عادي، بل جاءت بعد سلسلة من الإنجازات المهمة التي حققتها نيرالينك في مجال تقنية واجهة الدماغ والحاسوب. أعلنت الشركة عن إجراء المزيد من التجارب السريرية على البشر، حيث تم زرع رقائقها الدماغية في خمسة أفراد يعانون من شلل حاد. هذا التقدم يُمثل قفزة نوعية في تطوير هذه التقنية، ويمهد الطريق لإمكانية استخدامها على نطاق أوسع في المستقبل.

تصنيف الجهاز المبتكر من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية:

في شهر مايو الماضي، حصلت نيرالينك على تصنيف "جهاز مبتكر" (Breakthrough Device Designation) من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA). هذا التصنيف يُمنح للتكنولوجيات التجريبية التي تُظهر إمكانية كبيرة لتحسين علاج الأمراض الخطيرة أو توفير حلول طبية ثورية. يُسهّل هذا التصنيف عملية تطوير وتقييم ومراجعة تقنية نيرالينك، مما يُسرّع من إمكانية وصولها إلى السوق. ويُعتبر هذا التصنيف بمثابة شهادة ثقة من جهة رقابية عالمية بسلامة وفعالية التقنية.

أهمية الاستثمار في تقنية واجهة الدماغ والحاسوب:

يُعدّ الاستثمار الضخم في نيرالينك مؤشراً على الاهتمام المتزايد بمجال واجهة الدماغ والحاسوب، والذي يُعتبر أحد أهم مجالات التكنولوجيا المتقدمة في العصر الحالي. تُتيح هذه التقنية الاتصال المباشر بين الدماغ والحاسوب، مما يُفتح آفاقاً واسعة في مجالات متعددة، منها:

علاج الأمراض العصبية: تُعدّ تقنية واجهة الدماغ والحاسوب أداة واعدة لعلاج العديد من الأمراض العصبية، مثل مرض باركنسون والزهايمر والشلل. يمكن لهذه التقنية تحفيز مناطق معينة في الدماغ لتخفيف الأعراض أو حتى علاج الأسباب الجذرية لهذه الأمراض.

إعادة التأهيل: يمكن استخدام تقنية واجهة الدماغ والحاسوب في إعادة تأهيل الأفراد الذين يعانون من إصابات دماغية أو حبل شوكي. يمكن لهذه التقنية تمكينهم من التحكم في الأطراف الصناعية أو أجهزة مساعدة أخرى باستخدام أفكارهم فقط.

تحسين القدرات المعرفية: في المستقبل، قد تُستخدم تقنية واجهة الدماغ والحاسوب لتحسين القدرات المعرفية للأفراد، مثل الذاكرة والتركيز والانتباه. هذا المجال يُثير جدلاً أخلاقياً كبيراً، ولكنه يُمثل إمكانية ثورية في تطوير قدرات الإنسان.

التحكم في الأجهزة الذكية: يمكن استخدام هذه التقنية للتحكم في الأجهزة الذكية باستخدام الأفكار، مما يُسهّل حياة الأفراد ذوي الإعاقة ويُحسّن من تجربة المستخدم بشكل عام.

التأثيرات المحتملة على المنطقة العربية:

يُمكن لتقنية نيرالينك أن تُحدث تأثيراً كبيراً على المنطقة العربية، خاصة في مجالات الصحة والبحث العلمي. يمكن أن تساهم هذه التقنية في علاج العديد من الأمراض العصبية المنتشرة في المنطقة، وتوفير فرص عمل جديدة في مجالات التكنولوجيا الطبية والبحث التطويري. لكن يجب أن نُدرك الحاجة إلى بناء البنية التحتية والخبرات اللازمة لاستيعاب هذه التقنية وتطبيقها بشكل فعال.

التحديات الأخلاقية والقانونية:

يُثير تطور تقنية واجهة الدماغ والحاسوب عدداً من التحديات الأخلاقية والقانونية المهمة، مثل:

الخصوصية: تُثير إمكانية قراءة الأفكار والوصول إلى البيانات الدماغية مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية وأمن المعلومات. يجب وضع تشريعات صارمة لحماية هذه البيانات من الاختراق أو سوء الاستخدام.

المسؤولية: في حال حدوث أي أضرار نتيجة استخدام هذه التقنية، فمن يُحاسب؟ يجب وضع إطار قانوني واضح يُحدد مسؤولية الشركات والأفراد في استخدام هذه التقنية.

المساواة: يجب ضمان إمكانية الوصول إلى هذه التقنية لجميع الأفراد، بغض النظر عن قدرتهم الاقتصادية أو مكان إقامتهم. يجب تجنب فجوة علاجية تُفاقم من عدم المساواة الموجودة سلفاً.

الخاتمة:

يُمثل الاستثمار الضخم في نيرالينك قفزة هائلة في مجال واجهة الدماغ والحاسوب. تُظهر هذه الجولة التنميلية الثقة المتزايدة في إمكانيات هذه التقنية والتأثير الذي يمكن أن تُحدثه في مجالات متعددة. لكن يجب أن نُدرك التحديات الأخلاقية والقانونية المرتبطة بهذه التقنية، ووضع إطار قانوني واضح يُنظم استخدامها ويُحمي حقوق الأفراد. يجب أيضاً أن نعمل على بناء القدرات والخبرات اللازمة لاستيعاب هذه التقنية وتطبيقها في المنطقة العربية للاستفادة من إمكاناتها العلاجية والاقتصادية. إنّ المستقبل يُحمل بين ثناياه إمكانيات لا تُحصى لتقنية واجهة الدماغ والحاسوب، و علينا أن نُواكب هذا التطور بمسؤولية ووعي تامّ.