تجمع Valla 2.7 مليون دولار لجعل اللجوء القانوني في متناول الموظفين أكثر

فالّا: ثورة تقنية تسهّل الوصول للخدمات القانونية للموظفين

مقدمة:

يشكّل اللجوء للقضاء والخدمات القانونية عائقًا كبيرًا أمام الكثيرين، خاصةً الموظفين الذين يواجهون مشاكل في العمل. فالتكاليف الباهظة، والتعقيدات الإجرائية، ونقص الوعي بالقوانين، كلها عوامل تُثنِي الكثير عن المطالبة بحقوقهم. لكنّ هذا الواقع بدأ يتغيّر بفضل ظهور شركات ناشئة تعتمد على التكنولوجيا لجعل المساعدة القانونية أكثر سهولة ويسرًا. من بين هذه الشركات، برزت شركة "فالّا" (Valla) التي حظيت مؤخرًا باستثمارٍ ضخمٍ يُبشّر بثورةٍ في مجال الوصول للعدالة.

فالّا: حلول قانونية ذكية للموظفين:

أطلقت داناي شيل شركة فالّا في عام 2022، انطلاقًا من ملاحظتها المتكررة لحالاتٍ مشابهة: مواجهة الموظفين لمشاكلٍ في العمل، وتفضيلهم ترك وظائفهم بدلًا من خوض معاركٍ قانونيةٍ معقدةٍ ومكلفة. تركّز فالّا على قانون العمل، وتقدم منصةً رقميةً تتيح للموظفين إدارة قضايا العمل الخاصة بهم بشكلٍ مستقلٍ، مع توفير الدعم من خبراء قانونيين. وقد نجحت المنصة، بحسب بيانات الشركة، في مساعدة أكثر من 12,000 موظف في تقديم شكاوى ناجحة ضد أصحاب العمل، والتفاوض على تسوياتٍ عادلة.

كيف تعمل منصة فالّا؟

تعتمد منصة فالّا على نهجٍ مبتكرٍ يجمع بين سهولة الاستخدام والتكنولوجيا المتقدمة. فهي لا تقتصر على تقديم معلومات قانونية عامة، بل تُمكّن المستخدمين من:

جمع الأدلة: تُسهّل المنصة على المستخدمين جمع الأدلة اللازمة لقضيتهم، سواءً كانت رسائل بريد إلكتروني، أو وثائق رسمية، أو حتى تسجيلات صوتية أو مرئية. وتُرشد المستخدمين للخطوات الصحيحة لضمان صحة الأدلة وقبولها قانونيًا. وهذا الجانب بالذات مهم جدًا في الثقافات العربية حيث قد يختلف مفهوم الأدلة عن نظيره في الثقافات الغربية.

إنشاء الوثائق: تُتيح فالّا للمستخدمين إنشاء وثائق قانونية، مثل طلبات تقديم الشكاوى، أو طلبات التسوية، باستخدام قوالب مُعدّة مسبقًا، مع إمكانية التعديل عليها حسب تفاصيل كل حالة. هذا يُقلّل من الحاجة إلى محامٍ متخصص لكتابة هذه الوثائق، مما يُوفّر الكثير من التكاليف.

التواصل مع الخبراء: تُتيح المنصة للمستخدمين التواصل مع خبراء قانونيين مُختصين في قانون العمل، يُقدمون لهم "تدريبًا" (coaching) على كيفية إدارة قضيتهم في كل مرحلة، من بداية تقديم الشكوى وحتى الوصول إلى التسوية. هذا التوجيه من خبراء قانونيين يُضفي مصداقيةً على العملية، ويُقلّل من مخاطر اتخاذ قراراتٍ خاطئة.

استخدام الذكاء الاصطناعي: تُعتبر تقنية الذكاء الاصطناعي من أهمّ ميزات فالّا. حيث يعمل محرّك الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) كمساعد قانوني افتراضي، يُساعد في:
إعداد ملف القضية للخبراء القانونيين.
تدوين الملاحظات واتخاذ الإجراءات اللازمة خلال المكالمات مع الخبراء.
متابعة المهام والإشعارات المتعلقة بالقضية.

الاستثمار في فالّا: مؤشر على الثقة بالمشروع:

حصلت فالّا مؤخرًا على تمويلٍ أوليّ (seed round) بقيمة 2 مليون جنيه إسترليني (حوالي 2.7 مليون دولار أمريكي)، قادته شركة "آدا فينشرز" (Ada Ventures). وشاركت في الجولة شركات استثمارية أخرى، مثل "أكتيف بارتنرز" و"بورتفوليو فينشرز"، بالإضافة إلى مستثمرين سابقين. ويُشير هذا الاستثمار الكبير إلى الثقة الكبيرة التي تُحظى بها فالّا من قبل المستثمرين، والتي تُعزى إلى عدة عوامل، منها:

النمو السريع: لقد حققت فالّا نجاحًا كبيرًا منذ إطلاقها، حيث ساعدت آلاف الموظفين في حلّ مشاكلهم القانونية.

الاعتماد على الذكاء الاصطناعي: يُعتبر استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في منصة فالّا من العوامل الرئيسية التي جذبت المستثمرين، لأنه يُضيف قيمةً كبيرةً للخدمة، ويُحسّن من كفاءتها.

النموذج التجاري: يُعتبر نموذج فالّا التجاري قابلًا للتطوير والتوسّع، حيث يمكن تطبيق نفس التقنية على مجالات قانونية أخرى، مثل قضايا المطالبات الصغيرة وقضايا الإيجار.

مستقبل فالّا: التوسّع والابتكار:

ستُستخدم الأموال المُستثمرة في فالّا لتعزيز التسويق، وبناء علاقاتٍ مع نقابات العمال وشركات التأمين، وتطوير مزايا الذكاء الاصطناعي في المنصة. كما تخطّط فالّا للتوسّع في مجالات قانونية أخرى، وذلك بعد التركيز على قانون العمل، ثمّ الانتقال إلى قضايا المطالبات الصغيرة وقضايا الإيجار. وتطمح فالّا أيضًا إلى التوسّع عالميًا، حيث تُدرس حاليًا فرصًا في الولايات المتحدة وأوروبا.

أهمية فالّا في السياق العربي:

تُمثّل فالّا نموذجًا مُلهمًا للشركات الناشئة في العالم العربي، وخاصةً في مجال التكنولوجيا القانونية. فالتحديات التي تواجه الموظفين في الحصول على خدماتٍ قانونيةٍ فعّالةٍ موجودةٌ في العديد من الدول العربية، وتُعزى إلى عواملٍ متعددة، منها:

نقص الوعي بالقوانين: يفتقر الكثير من الموظفين في العالم العربي إلى الوعي الكافي بحقوقهم القانونية، وكيفية المطالبة بها.

التكاليف المرتفعة للمحامين: تُعتبر تكاليف توكيل المحامين في العالم العربي مرتفعةً نسبيًا، مما يُشكل عائقًا أمام الكثيرين.

التعقيدات الإجرائية: تُعاني العديد من الدول العربية من تعقيداتٍ إجرائيةٍ في النظام القضائي، مما يُطيل مدة التقاضي ويُزيد من تكلفته.

خاتمة:

تُعتبر فالّا خطوةً هامةً نحو توفير خدماتٍ قانونيةٍ مُيسّرةٍ وعادلةٍ للموظفين، ولا تقتصر أهميتها على توفير الدعم القانوني فقط، بل تتعداها لتشمل تمكين الأفراد من فهم حقوقهم، والدفاع عن أنفسهم بكفاءة. مع التوسّع المُتوقع للشركة، يُمكن أن تُحدث فالّا فرقًا كبيرًا في حياة الكثيرين في العالم العربي، وذلك من خلال توفير منصةٍ مُبسّطةٍ وفعّالةٍ للوصول للعدالة. كما تُشكل نموذجًا يُلهم روّاد الأعمال العرب على الابتكار في مجال التكنولوجيا القانونية، وإيجاد حلولٍ مُبتكرةٍ للتحديات القانونية في المنطقة. يُتوقع أن نشهد في السنوات القادمة المزيد من الابتكارات في هذا المجال، مما يُساهم في بناء مجتمعاتٍ أكثر عدلًا وإنصافًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى