تستخدم كاميرات علامة Oversio من الذكاء الاصطناعي لتوضيح برامج التشغيل غير الآمنة

كاميرات إيقاف "أوبفيو": الذكاء الاصطناعي في خدمة السلامة المرورية

مقدمة:

تشهد شوارع الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعًا مقلقًا في حوادث الدهس، مما يهدد حياة المشاة بشكل كبير. وفي مواجهة هذه المشكلة، ظهرت شركة ناشئة مبتكرة تدعى "أوبفيو" (Obvio) بمقرها في سان كارلوس، كاليفورنيا، بحلول تقنية مبتكرة تعتمد على كاميرات مثبتة عند إشارات التوقف، مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، لتحديد السائقين المتهورين والحد من المخالفات المرورية الخطيرة. لكن هل هذا الحل فعّال حقًا، وهل يضمن عدم انتهاك الخصوصية كما تدعي الشركة؟ هذا ما سنتناوله في هذا التحقيق التقني الشامل.

استثمار ضخم واعدة كبيرة:

نجحت أوبفيو مؤخرًا في جذب استثمارات ضخمة بلغت 22 مليون دولار أمريكي في جولة تمويلية من السلسلة (A)، بقيادة شركة "بين كابيتال فينتشرز" (Bain Capital Ventures). يُظهر هذا الاستثمار الكبير ثقة المستثمرين في قدرة الشركة على تحقيق أهدافها الطموحة، وتوسيع نطاق عملها لتشمل مدنًا أمريكية أخرى بعد نجاحها الأولي في خمس مدن بولاية ماريلاند. وتعتزم الشركة استخدام هذه الأموال في تطوير تقنيتها وتوسيع انتشارها على نطاق أوسع.

من كاميرات الشاحنات إلى ثورة السلامة المرورية:

بدأ مؤسسا أوبفيو، علي رحمن وذروف ماهيشواري، رحلتهما في مجال التقنيات المرورية من خلال عملهما في شركة "موتيف" (Motive)، المتخصصة في تصنيع كاميرات لوحة القيادة للشاحنات. خلال عملهما هناك، لاحظا سوء سلوك العديد من سائقي السيارات العادية، مما أثار اهتمامهما بمشكلة السلامة المرورية في الولايات المتحدة.

واقع مروري مقلق:

أظهرت دراساتهم أن الولايات المتحدة تتخلف عن العديد من الدول المتقدمة في مجال تطبيق قوانين السلامة المرورية، وأن شوارعها و ممرات المشاة أصبحت أكثر خطورة على المشاة. وقد أشار ماهيشواري إلى أن العديد من الدول الأخرى تتفوق على الولايات المتحدة في هذا المجال، بفضل استخدامها لتقنيات متقدمة مثل كاميرات مراقبة السرعة، وبفضل ثقافة السلامة المرورية المتجذرة في مجتمعاتها.

حلول متكاملة للسلامة المرورية:

بعد بحث مكثف، استقرّ المؤسسان على ثلاث ركائز أساسية لتحسين السلامة المرورية: التعليم، الهندسة، والإنفاذ. لكنهم وجدوا أن هذه الحلول غالبًا ما تُطبق بشكل منفصل، مما يحد من فعاليتها. فالتعليم وحده لا يكفي، والحلول الهندسية (مثل إنشاء دوارات مرورية) تتطلب وقتًا طويلًا وتكاليف باهظة، بينما لا تستطيع قوات الشرطة مراقبة جميع إشارات التوقف في آن واحد.

كاميرات ذكية: دمج الحلول:

رأى رحمن وماهيشواري في دمج هذه الحلول الثلاثة فرصةً لتحقيق نقلة نوعية في مجال السلامة المرورية. وقد أسفرت جهودهما عن تطوير نظام ذكي يتكون من أعمدة (غالبًا ما تكون بألوان زاهية) مجهزة بكاميرات تعمل بالطاقة الشمسية، يمكن تركيبها بسهولة وبتكلفة منخفضة بالقرب من أي تقاطع.

ذكاء اصطناعي دقيق:

تستخدم كاميرات أوبفيو تقنيات متقدمة للذكاء الاصطناعي قادرة على رصد أنواع مختلفة من المخالفات المرورية الخطيرة، مثل تجاوز إشارات التوقف، وتجاوز السرعة، وعدم احترام ممرات المشاة، والانعطافات غير القانونية، والتغييرات غير الآمنة في المسارات، وحتى قيادة السيارة أثناء التشتت.

التحقق من الدقة والحماية من سوء الاستخدام:

بعد رصد أي مخالفة، يقوم النظام بمطابقة لوحة ترخيص السيارة بقاعدة بيانات إدارة المركبات في الولاية. لكن لا يتم إرسال هذه المعلومات إلى سلطات إنفاذ القانون إلا بعد التحقق من دقة المخالفة من قبل موظفي أوبفيو أو متعاقديها. وهذه الخطوة ضرورية لمنع سوء استخدام النظام أو إصدار مخالفات غير دقيقة.

نموذج عمل مبتكر:

تقدم أوبفيو تقنيتها للبلديات مجانًا، وتحصل على أرباحها من خلال حصة في إيرادات المخالفات المرورية. وتختلف آلية تقاسم الإيرادات بين أوبفيو والسلطات الحكومية باختلاف الولايات، نظراً لاختلاف اللوائح التنظيمية في هذا الشأن. ويثير هذا النموذج تساؤلات حول الحوافز المحتملة لزيادة عدد المخالفات، لكن الشركة تؤكد على التزامها بالتركيز على المخالفات الخطيرة فقط.

أهمية المشاركة المجتمعية:

تؤكد أوبفيو على أهمية المشاركة المجتمعية في نجاح مشروعها. فهدفها ليس مجرد جمع الإيرادات، بل تحسين السلامة المرورية من خلال التوعية والردع. وتسعى الشركة إلى التعاون مع المجتمعات المحلية لتقديم الدعم اللازم، وإلى الاستجابة لملاحظاتها واقتراحاتها.

التحديات والآفاق المستقبلية:

على الرغم من الابتكار الذي تقدمه أوبفيو، فإن مشروعها يواجه بعض التحديات، أبرزها المخاوف المتعلقة بالخصوصية، والتي تشكل هاجسًا رئيسيًا في ظل تزايد استخدام تقنيات المراقبة. ولكن الشركة تؤكد على أنها صممت منتجها مع مراعاة هذه المخاوف، وأنها تضع قيودًا صارمة على مشاركة البيانات، لضمان عدم تحويل النظام إلى أداة للمراقبة الشاملة.

مقارنة مع أنظمة مراقبة أخرى:

تُعتبر أوبفيو مختلفة عن بعض الشركات الأخرى التي تعمل في مجال المراقبة المرورية، مثل شركة "فلوق" (Flock)، التي تعرضت لانتقادات واسعة بسبب استخدام كاميراتها لقراءة لوحات الترخيص في عمليات مراقبة واسعة النطاق. وتسعى أوبفيو إلى تجنب هذه الانتقادات من خلال التركيز على المخالفات الخطيرة فقط، والتحقق من دقة المخالفات قبل إرسالها إلى سلطات إنفاذ القانون.

الخلاصة:

تُمثل كاميرات أوبفيو خطوةً مهمةً في مجال السلامة المرورية، وتعتمد على تقنيات ذكية تجمع بين الذكاء الاصطناعي، والتحليل الدقيق للمخالفات، والتعاون مع المجتمعات المحلية. وعلى الرغم من بعض التحديات، فإن نجاحها يعتمد على قدرتها على تحقيق التوازن بين الحاجة إلى تعزيز السلامة المرورية، والحفاظ على خصوصية الأفراد. وسيكون من المثير للاهتمام متابعة تطور هذا المشروع وتأثيره على واقع السلامة المرورية في الولايات المتحدة، وإمكانية تطبيقه في دول أخرى تعاني من مشاكل مماثلة. فالتقنية وحدها لا تكفي، بل يجب أن تُستخدم بشكل مسؤول ومدروس لخدمة المجتمع.

الكلمات المفتاحية: أوبفيو، كاميرات إيقاف، الذكاء الاصطناعي، السلامة المرورية، المراقبة المرورية، حوادث الدهس، تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال السلامة، حماية الخصوصية، الولايات المتحدة، الابتكار التكنولوجي، الاستثمار التكنولوجي، النموذج الاقتصادي، المسؤولية الاجتماعية للشركات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى