ضربة موجعة لشركة آبل: القضاء الأمريكي يُلزمها بالتوقف عن فرض رسوم على المطورين خارج متجر التطبيقات

يُشكل الحكم القضائي الأخير ضد شركة آبل ضربة موجعة لها في معركتها المستمرة مع المطورين، حيث ألزمتها محكمة أمريكية بالتوقف عن فرض رسوم على المطورين مقابل المدفوعات التي تتم خارج متجر التطبيقات الخاص بها. هذا القرار الذي يُعدّ انتصارًا كبيرًا للمطورين المستقلين والشركات الكبرى على حد سواء، يُهدد بنموذج أعمال آبل المعتمد على تحصيل عمولات ضخمة من المعاملات داخل متجرها الشهير، App Store.

تفاصيل الحكم القضائي وتداعياته

رفضت محكمة أمريكية طلبًا عاجلاً من شركة آبل لوقف تنفيذ حكم سابق يلزمها بالتوقف عن فرض رسوم على المطورين عند توجيه المستخدمين إلى روابط خارجية للدفع. وبذلك، لن تتمكن آبل في الولايات المتحدة من تحصيل عمولاتها المعتادة من المطورين عندما ينقر المستخدمون على رابط داخل تطبيق ما ينقلهم إلى موقع دفع خارج متجر التطبيقات. وقد برّرت المحكمة قرارها بالتأكيد على أن آبل لم تُثبت ضرورة فرض هذه الرسوم، مُشددةً على أن عبء الإثبات يقع على عاتق الشركة. جاء نص المذكرة القضائية واضحًا: "تتحمل آبل عبء إثبات أن الظروف تبرر ممارسة سلطتها التقديرية"، مُضيفًا: "بعد مراجعة العوامل ذات الصلة، لسنا مقتنعين بأن الوقف مناسب".

ردود الفعل على الحكم: انتصار للمطورين وخسارة لآبل

أثار هذا الحكم موجة من ردود الفعل المتباينة، حيث رحب العديد من المطورين به باعتباره انتصارًا كبيرًا في معركتهم ضد ما اعتبروه احتكارًا من جانب آبل. وقد عبر تيم سويني، الرئيس التنفيذي لشركة Epic Games، عن سعادته بالقرار، واصفًا إياه بأنه "نهاية الكابوس الوطني الطويل المتمثل في ضريبة آبل". وتُعتبر شركة Epic Games من أبرز المُعارضين لسياسات آبل المتعلقة بمتجر التطبيقات، حيث خاضت معركة قانونية طويلة الأمد ضد الشركة انتهت بتأييد العديد من ادعاءاتها.

من جانبها، تُواجه آبل خسارة مالية محتملة كبيرة نتيجة هذا الحكم، خاصةً مع تزايد اعتماد المطورين على روابط الدفع الخارجية لتجنب رسوم آبل الباهظة. ووفقًا لبعض التقديرات، يُمكن أن يصل حجم الخسائر المحتملة إلى مليارات الدولارات سنويًا. هذا الأمر يُثير تساؤلات حول استراتيجية آبل المستقبلية ومدى قدرتها على تعويض هذه الخسائر.

سياق الحكم و تاريخ النزاع

يُعتبر هذا الحكم امتدادًا للنزاع الطويل الأمد بين آبل والمطورين حول سياسة متجر التطبيقات. ففي أبريل الماضي، حكمت القاضية إيفون جونزاليس روجرز لصالح شركة Epic Games، مُؤكدةً أن آبل انتهكت بشكل متعمد أمرًا قضائيًا سابقًا يمنعها من فرض أسعار تنافسية. هذا الحكم السابق كان بمثابة ضربة أولى لآبل، حيث ألزمها بالسماح للمطورين بالربط بحرية بمواقعهم الإلكترونية لشراء المنتجات الرقمية.

ردًا على الحكم الأخير، قدمت آبل طلبًا عاجلاً لوقف تنفيذ القرار، بالإضافة إلى تقديم استئناف. لكن المحكمة رفضت طلبها العاجل، مما يُشير إلى قوة الأدلة ضد آبل وثبات موقف المحكمة. هذه الخطوات القانونية تُظهر مدى جدية آبل في الدفاع عن نموذج أعمالها، لكنها في نفس الوقت تُبرز ضعف موقفها القانوني.

تأثير الحكم على سوق التطبيقات

قبل هذا الحكم، كانت آبل تسمح بتطبيقات تربط المستخدمين بآليات دفع خارجية، لكنها كانت تفرض رسومًا عالية تصل إلى 27% بالإضافة إلى ما يُعرف بـ"شاشات التخويف" التي تُحذر المستخدمين من مخاطر استخدام طرق دفع خارجية. لكن مع هذا الحكم، سيتم إلغاء هاتين الممارستين، مما يُعطي دفعة كبيرة للمنافسة في سوق التطبيقات.

شركات كبرى مثل Spotify و Amazon قامت بالفعل بتحديث تطبيقاتها للسماح للمستخدمين بالدفع خارج متجر التطبيقات. هذا يُشير إلى مدى سرعة استجابة الشركات الكبرى لهذا الحكم وتأثيره الكبير على السوق.

توقيت الحكم وتأثيره على مؤتمر المطورين العالمي WWDC

يُعدّ توقيت هذا الحكم بالغ الأهمية، حيث يتزامن مع اقتراب مؤتمر المطورين العالمي (WWDC) الذي تُعقده آبل الأسبوع المقبل. هذا المؤتمر يُعتبر منصة مهمة لشركة آبل للإعلان عن منتجاتها وخدماتها الجديدة، وتقديم تحديثات على أنظمة التشغيل الخاصة بها. يُمكن أن يُؤثر هذا الحكم سلبًا على أجواء المؤتمر، مُضيفًا ضغطًا إضافيًا على آبل التي تُحاول التعامل مع تداعيات هذا القرار.

يزيد من أهمية هذا التوقيت أن آبل نشرت مؤخرًا تقريرًا ماليًا أعلنت فيه عن تحقيقها 1.3 تريليون دولار أمريكي من الفواتير والمبيعات في عام 2024، مُشددةً على أن 90% من هذه المبيعات لم تُدرّ إيرادات عمولات لشركة آبل. لكن هذا التقرير لا يُخفي حقيقة أن آبل تعتمد بشكل كبير على عمولات متجر التطبيقات، وأن هذا الحكم يُهدد مصدرًا هامًا لإيراداتها.

الخاتمة: مستقبل متجر التطبيقات وآبل

يُمثل هذا الحكم نقطة تحول في علاقة آبل مع المطورين، و يُشير إلى تزايد الضغوط على الشركات التكنولوجية العملاقة لتعديل ممارساتها التجارية التي تُعتبر احتكارية من قبل البعض. يبقى السؤال المطروح: كيف ستُواجه آبل هذا التحدي، وما هي الاستراتيجيات التي ستعتمدها للحفاظ على مكانتها في سوق التطبيقات؟ هل ستُقدم آبل على استئناف الحكم إلى محكمة أعلى، أم ستُغيّر استراتيجيتها التجارية بشكل جذري؟ الأيام القادمة ستُجيب عن هذه الأسئلة، وستُحدد مستقبل متجر التطبيقات وآبل نفسها.