تيك توك شوب: إدارة صينية وفشل مبيعات

TikTok Shop في أمريكا: تحول صينيّ وسط أزمة مبيعات

تُعيد شركة بايت دانس، الشركة الأمّ لتطبيق الفيديوهات القصيرة الشهير TikTok، هيكلة فريق عمل منصة التسوق الإلكترونيّ التابعة لها، TikTok Shop، في الولايات المتحدة. ويُشير هذا التحوّل، الذي يرافقه استبدال موظفين أمريكيين بمديرين من أصول صينية، إلى محاولة الشركة لتكرار نجاحها الآسيويّ في سوقٍ أمريكيةٍ لم تُحقّق فيها التوقعات المرجوّة.

هدف مبيعات طموح، وواقع مُخيّب

كانت TikTok Shop قد حدّدت هدفًا طموحًا لعام 2023، وهو زيادة حجم معاملاتها الإلكترونية في الولايات المتحدة عشرة أضعاف مقارنةً بالعام الماضي، لتصل إلى 17.5 مليار دولار. إلا أنّ هذه الأرقام، وفقًا لتقريرٍ لوكالة بلومبرغ، لم تُحَقّق، مما اضطرّ الشركة إلى تخفيض هدفها بشكلٍ كبير. يُمثّل هذا الفشل في تحقيق الأهداف المرجوّة ضربةً قويةً لطموحات TikTok في التوسّع في سوق التجارة الإلكترونية الأمريكية، التي تُسيطر عليها شركات عملاقة مثل أمازون.

تحوّل ثقافيّ و لغويّ داخل الشركة

لم يتوقّف الأمر عند تخفيض الأهداف، بل امتدّ إلى تغييرٍ جذريّ في بيئة العمل داخل TikTok Shop. فقد أصبحت الاجتماعات، التي كانت تُعقد باللغة الإنجليزية سابقًا، تُعقد غالبًا باللغة الماندرين. كما انتقل التواصل بين المديرين إلى منصة Feishu، وهي منصة داخلية تابعة لبايت دانس مشابهة لـ Slack، مع استخدام اللغة الصينية بشكلٍ متزايد. هذا الأمر أرغم الموظفين الناطقين باللغة الإنجليزية على الاعتماد على أدوات الترجمة الآلية، مما يُشير إلى تحوّلٍ ثقافيّ واضح داخل الشركة.

تسريحات وظيفية وتوتر متزايد

شهدت TikTok Shop في الولايات المتحدة تسريح أكثر من 100 موظف، إما عن طريق الفصل أو الاستقالة. ويُعزى هذا التطور إلى الارتباك الإداريّ والتوتر المتزايد بين القيادات، مما أدى إلى تدهور بيئة العمل. وقد أقرّ متحدث باسم TikTok Shop بهذه التغييرات، مُشيراً إلى إجراء تعديلات على الفريق لتعزيز المؤسسة، مع الإبقاء على الثقة في المستقبل. إلا أن هذه التصريحات لم تُخفّف من حدة القلق بشأن مستقبل TikTok Shop في السوق الأمريكية.

التحديات السياسية والقانونية

يتزامن هذا التحوّل مع معركةٍ قانونيةٍ مُستمرّة تواجهها TikTok في الولايات المتحدة. فقد أقرّ الكونغرس قانونًا للأمن القوميّ يُطالب بفصل أعمال TikTok في الولايات المتحدة عن شركتها الأمّ الصينية، بايت دانس، تحت طائلة الحظر. ويُعزى هذا القانون إلى المخاوف الأمنية المتعلقة بعلاقة TikTok بالصين، حيث يُخشى من استخدام بيانات المستخدمين لأغراض غير مشروعة.

"مشروع تكساس" ووعود غير مُتحققة؟

في محاولةٍ لتبديد هذه المخاوف، أطلقت TikTok خطةً أمنيةً أُطلق عليها "مشروع تكساس" (Project Texas)، وتعهدت بعزل بياناتها وعملياتها في الولايات المتحدة عن أي رقابةٍ صينية. إلا أنّ تعيين مسؤولين تنفيذيين صينيين لإدارة TikTok Shop يُثير تساؤلاتٍ حول جدوى هذا المشروع ومدى التزام الشركة بوعودها السابقة.

مقارنة مع دوين: نموذج ناجح يحتاج للتطبيق في أمريكا

تُحاول بايت دانس تكرار نجاحها في الصين مع تطبيق Douyin، وهو نسخة TikTok المخصصة للسوق الصينية، والذي تطور ليصبح منصة تسوق ضخمة تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات. وقد تم تعيين العديد من القادة التنفيذيين من Douyin لإدارة TikTok Shop في الولايات المتحدة، أملاً في نقل الخبرة والنجاح من السوق الصيني إلى السوق الأمريكي.

عادات المستهلكين الأمريكيين وتحديات أخرى

لكنّ التحديّ الأكبر الذي تواجهه TikTok Shop في الولايات المتحدة هو اختلاف عادات المستهلكين. فالكثير من المستخدمين الأمريكيين يميلون إلى الاستخدام السلبي للتطبيق، أيّ مشاهدة الفيديوهات دون إجراء عمليات شراء. كما أنّ بعض البائعين مترددون في الاستثمار في المنصة خشية من احتمال حظرها. هذا بالإضافة إلى فرض الشركة لجدول عمل صارم بثماني ساعات يوميًا، خمسة أيام في الأسبوع، وهو ما يُناقض سياسات العديد من شركات التكنولوجيا الأخرى، مما أدى إلى زيادة الضغط على الموظفين.

الاستنتاج: طريق طويل نحو النجاح في السوق الأمريكية

في الختام، تُواجه TikTok Shop تحدياتٍ كبيرةً في سوق الولايات المتحدة. فبالإضافة إلى التحديات السياسية والقانونية، تواجه الشركة صعوباتٍ في التكيّف مع عادات المستهلكين الأمريكيين، بالإضافة إلى مشاكل داخلية تتعلق بإدارة الموظفين. يُظهر التحوّل نحو إدارة صينيةٍ أكبر تركيزًا على تكرار نموذج Douyin الناجح، إلا أنّ نجاح هذا النهج في السوق الأمريكيّ يبقى محلّ شكّ، ويحتاج إلى وقتٍ وجهدٍ كبيرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى